بقلم : عبد الحنان السيواني الندوي
بعد الثورات في الدول العربية، هناك مخاوف كثيرة في الأوساط الغربية والأمريكية وفي بعض البلدان العربية و المسلمة أيضاً في تعاظم إيديولوجيات إسلامية ومنظمات وأحزاب سياسية تريد نظاماً إسلامياً أو حكومة إسلامية في دولها التي شاهدت الثورة التي لم تضع أوزارها حتى الآن.
أنا كمسلم أرى أن هذه المخاوف قد فقدت معناها، والحقيقة تعكس من ذلك. هناك لا يوجد شيئ سيشكل قلقاً للغرب.
في رأيي، المسلمون في الدول العربية والمسلمة هم لا يريدون بأنفسهم حكومة إسلامية ، أو يريدونها لكنهم ليسوا مستعدين لها أو لا يعرفون كيف يمكن لهم أن يحولوا حكومتهم في حكومة إسلامية حيث أن البلدان المسلمة فيها طبقات كثيرة وعديدة تعارض الحكومة الإسلامية أو تنفيذ بعض أجزاء للنظام الإسلامي هناك.
الطبقة التي تريد حكومة إسلامية هي طبقة صغيرة وعددها ما لا يزيد عن أربعة أو ثلاثة في المائة في المجتمع كله حيث إنها تريد بجدية تطبيق النظام الإسلامي في جميع مراحل الحياة، أنا لا أناقش عن هذه الطبقة.
هناك طبقة حكومية ، وطبقة رجال الأعمال وطبقة سينمائية، وطبقة علمانية، وطبقة ليبرالية وطبقات أخرى لا حصر لها.
هذه الطبقات تتحدث قيام حكومة إسلامية لكنها تعارض بشدة أي خطوة تمهد إلى حكومة إسلامية. أضرب لكم بعض الأمثلة لتوضيح موقفي، مثلاً باكستان ، بلاد مسلمة كانت أنشئت لقيام دولة إسلامية وهي حتى الآن وبعد ستة وثلاثين سنة تعيش كحكومة مسلمة فقط و لم أرى تحركاً سياسياً في أي مستوى لتحويل هذه البلاد إلى بلاد إسلامية. هناك عدد كثير من الأحزاب الإسلامية التي شاركت في الإنتخابات التي قد تم إنعقادها في الماضي لكنها لم تحصل على المقاعد الأغلبية التي تمكنها في قيام حكومة جديدة.
حزب نواز شريف أو حزب بي نظير بوتو أو أحزاب أخرى يفوز دائما، والأحزاب الإسلامية لم تتمكن حتى الآن الحصول على مقاعد كثيرة تعلن فوزها بالأغلبية أوتستطيع في قيام حكومة جديدة بدون مساعدة أي أحزاب أخرى، رغم ذلك أن 60% من الباكستانيين يؤيدون الحكومة الإسلامية ويريدون حكومة إسلامية .
كذلك هناك بلدان مسلمة وعربية وجميع منها تتحدث عن حكومة إسلامية لكن هناك لا يوجد عمل حقيقي يتوجه إلى بناء حكومة إسلامية.
تونس حيثما كانت توقعات كثيرة بظهور حركة النهضة الإسلامية كأكبر حزب إسلامي في الإنتخابات التم تم إنعقادها قبل أسبوع، إنها حصلت على 40% فقط وإنها غير قادرة في بناء حكومة جديدة بدون مساعدة أحزاب أخرى. رغم أن تونس بلاد مسلمة ، حزب النهضة الإسلامية لم تحصلى على ستين إو 90 في المائة من المقاعد، هذا يوضح أن كثيرا من التونسيين لا يرغبون في حكومة إسلامية أو لا يوافقون طريقة حركة النهضة الإسلامية التي تريد تطبيق النظام الإسلامي هناك.
لا شك أن حركة الإخوان المسلمين كانت أكبر قوة معارضة في مصر رغم إنها كانت محظورة في نظام مبارك. بعد سقوط نظام مبارك ، هذه الجماعة زادت نشاطاتها السياسية وهناك إحتمالات كثيرة في فوزها في معظم المقاعد في الإنتخابات البرلمانية.
فرغم وجود دعم كثير للإخوان المسلمين في صفوف الشعب المصري هناك مخاوف كثيرة في الطبقات الأخرى حول وصولهم في الحكومة.
وكذلك حال جميع البلدان المسلمة في العالم.
هذه حقيقة تاريخية أن جميع الأحزاب السياسية والإسلامية التي شاركت في الثورات الأخيرة تجنبت من إظهار رموز إسلامية حتى لم يرفع صوت أثناء الثورة أن الشعب يريد حكومة إسلامية بل عدد كثير من المسلمين أيدوا ورفعوا أصواتهم لصالح نظام ديمقراطي وليس لصالح نظام إسلامي.
عدم حصول حركة النهضة على مقاعد أكثر من 40 في المائة وعدم حصول الأحزاب الإسلامية على المقاعد الكثيرة في باكستان وتوجد معارضة شديدة في البلدان المسلمة ضد طريقة بعض الجماعات الإسلامية ، هذا يشير أن الوضع الراهن ليس في صالح الجماعات الإسلامية كاملاً.
ففي وجود هذه الوقائع التاريخية ، مخاوف غربية تجاه تغلب الإسلاميين في البلدان العربية التي مرت بالثورة باطلة وتفقد أهميتها في وجود تلك الحقائق التي ذكرث أعلاه.
لكن هناك توجد مؤشرات واضحة أن الأوضاع تتغير وهناك فرص كثيرة للأحزاب الإسلامية التي كانت تريد ممارسة نشاطاتها السياسية والدينية في بعض البلدان العربية فهذه الثورة تعطيها فرصة لزيادة نشاطاتها ومشاركتها في جميع مراحل الحياة، وهناك إمكانيات ضئيلة لتلك الأحزاب الإسلامية أنها تواجه الحظر أو الحكومات الجديدة تفرض الحظر عليها كما كان حدث في الماضي ضدها.
فيمكن للأحزاب الإسلامية والجماعات الإسلامية أن تعزز صفوفها وتوسع نشاطاتها وتستفيد من هذه الفرص الموجودة لبناء مستقبل جديد على أسس إسلامية.
30-11-2011
No comments:
Post a Comment